من هو بشر الحافي

من هو بشر الحافي؟ – الزاهد الذي مشى حافيًا فرفعه الله

هل سمعت من قبل عن رجل ترك الدنيا ومفاتنها، وخلع حذاءه من خشية الله، فسار حافي القدمين حتى سُمّي باسمه؟ هل يمكن أن يتحول شابٌ كان يعيش حياة لهو إلى أحد أعلام الزهد والورع في الإسلام؟ في هذا المقال، ستتعرف على من هو بشر الحافي ، العالم العابد الذي قلب حياته رأسًا على عقب، وأصبح قدوة لكل من يسعى إلى التوبة والرجوع إلى الله.


بشر بن الحارث بن عبد الرحمن المروزي، وكنيته أبو نصر، ولقب بـ”الحافي”، ولد في القرن الثاني الهجري، وتوفي سنة 227 هـ في بغداد. كان من كبار الزهاد والعبّاد في العصر العباسي، ومن تلاميذ الإمام الفضل بن عياض، وقد جمع بين التوبة النصوح والعلم الواسع والخلق الرفيع.

نشأ بشر في بغداد، وكان في شبابه يعيش حياة لهو وسهر ومجالس طرب، إلى أن شاء الله أن ينقله من الظلمات إلى النور.

من هو بشر الحافي

لماذا سمّي بشرالحافي بهذا الاسم ؟

سُئل بشر يومًا: “لماذا لا تلبس حذاء؟” فأجاب:

“لأن الطريق بيني وبين ربي ليس فيه حاجز، وأحب أن أُذكّر نفسي دائمًا بالتواضع.”

والقصة الأشهر تقول إن بشرًا سمع آية من القرآن تُتلى وهو يلهو مع أصدقائه، فلامست قلبه، فخرج حافيًا، وتاب إلى الله، ولم يلبس نعله تواضعًا وخشيةً حتى توفاه الله، فأصبح يُعرف بـ”بشر الحافي”.


التحول العجيب: من اللهو إلى الزهد

كان بشر الحافي قبل توبته منغمسًا في اللهو والغناء والخمر، حتى جاء يوم غيّر مجرى حياته:

روى بعض المؤرخين أن الإمام الفضل بن عياض مرّ بجوار بيت بشر، فسمع صوت غناء ولهو، فقال:

“اللهم إنك تعلم أني قد نصحت، فاهدِ من في هذا البيت.”

خرجت جارية من البيت، فقال لها:

صاحِب هذا البيت عبد أم حر؟
قالت: بل حر.
قال: صدقتِ، لو كان عبدًا لاستحى من مولاه.

فدخل بشر البيت وهو يسمع الحديث، فوقعت الكلمة في قلبه، فبكى، وخرج حافيًا باكيًا تائبًا إلى الله، ومنذ ذلك اليوم، لم يُرَ منتعلًا أبدًا.


علمه ومكانته

رغم زهد بشر الحافي، إلا أنه كان عالمًا بالحديث والفقه والسلوك. وكان من تلاميذ الإمام مالك، وسفيان بن عيينة، والفضل بن عياض، وكان يقول:

“الزهد ترك ما يشغل عن الله، لا ترك الدنيا فقط.”

وكان العلماء والأئمة يوقرونه ويطلبون دعاءه. حتى أن أحمد بن حنبل، الإمام الشهير، كان يقول:

“ما رأيت أحدًا أخوف لله من بشر الحافي.”


مواقفه المؤثرة

1. كان يُطعِم الفقراء من حلال ماله

كان بشر حريصًا على إطعام الفقراء، وكان إذا جاءه رزق حلال، أنفقه على المساكين. وكان يقول:

“اللقمة الحلال تبلغك الجنة.”

2. الزهد الحقيقي لا يكون في الشكل فقط

عندما رآه أحد الناس يمشي حافيًا في البرد، قال له:

“ارفق بنفسك يا أبا نصر!”
فقال:
“راحتي في طاعة ربي، وما وجدت نعيمًا في الدنيا مثل أن أمشي إليه حافيًا.”


من أقواله الخالدة

  • “أفضل العبادة، ترك المعصية.”
  • “ما اتخذ أحدٌ الله صاحبًا إلا اكتفى به.”
  • “لا تتكبر، فإن التراب الذي تدوسه اليوم، قد يكون غدًا فراشك في القبر.”

وفاته

توفي بشر الحافي سنة 227 هـ عن عمر يُقدّر بـ 70 عامًا، ودُفن في بغداد. وقد شيّعه الناس بالآلاف، وحزن عليه الصالحون والعلماء، وكان من أعظم الزهاد الذين عرفهم تاريخ الإسلام.


قصة بشر الحافي ليست مجرد حكاية من الماضي، بل دعوة لك اليوم: مهما كنت، يمكنك أن تبدأ من جديد. فلا تقلق من ماضيك، بل فكر كيف تصنع مستقبلك مع الله.


المصادر والمراجع:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Scroll to Top