من هو شرحبيل بن عمرو الغساني؟ – القصة الكاملة لرجلٍ تصادم مع الرُسل
في صفحات التاريخ الإسلامي، لا تُروى الحكايات فقط عن الأبطال والصالحين، بل تُروى أيضًا عن أولئك الذين واجهوا دعوة الحق بالعداء، وكان لهم دورٌ في إشعال أحداث عظيمة غيرت مجرى التاريخ. أحد هؤلاء كان شرحبيل بن عمرو الغساني، الرجل الذي لم يُذكر اسمه إلا مقرونًا بجريمةٍ أثارت غضب المسلمين، وقادت إلى واحدة من أعظم المعارك في صدر الإسلام: غزوة مؤتة.
فمن هو شرحبيل بن عمرو؟ وما قصته مع رسول رسول الله ﷺ؟ ولماذا يعتبر اسمه من الأسماء المثيرة للجدل في التاريخ الإسلامي؟ هذا ما ستكتشفه في هذا المقال الشامل والمفصّل.
من هو شرحبيل بن عمرو الغساني؟
شرحبيل بن عمرو الغساني هو أحد أمراء غسان – وهي قبيلة عربية نصرانية كانت تقيم في أطراف الشام، وتدين بالولاء للإمبراطورية البيزنطية (الروم الشرقية). وقد ولاه قيصر الروم على بعض أطراف بلاد الشام، خاصة في منطقة البلقاء جنوب الأردن حاليًا.
نبذة عن الغساسنة:

الغساسنة هم عرب من قبيلة الأزد، هاجروا من اليمن إلى الشام بعد انهيار سد مأرب، واعتنقوا المسيحية. وقد تحالفوا مع الروم ليشكلوا خط دفاع ضد القبائل العربية الأخرى، وكان لهم شأن في السياسة البيزنطية.
القصة التي غيّرت التاريخ: قتل رسول النبي ﷺ
في السنة الثامنة للهجرة، وبعد أن فرغ النبي ﷺ من صلح الحديبية، بدأ يُرسل الرسائل إلى ملوك الأرض يدعوهم إلى الإسلام، وكان من بين هؤلاء الحارث بن عمير الأزدي، الذي أُرسل إلى ملك بُصرى الشام يحمل رسالة من رسول الله ﷺ.
ماذا حدث؟
بينما كان الحارث بن عمير في طريقه إلى بُصرى، قبض عليه شرحبيل بن عمرو – رغم أن الأعراف الدولية وحتى القبلية كانت تقتضي حماية الرُسل وعدم أذيتهم – لكن شرحبيل خالف كل عرف، وقام بـ:
قتل الحارث بن عمير الأزدي، مبعوث النبي ﷺ.
وكان هذا الفعل في غاية الخطورة، لأنه لم يكن اعتداءً على رجل فحسب، بل على ممثل رسمي للنبي ﷺ، وهو ما يُعد في عُرف السيادة والكرامة عملًا بالغ الخطورة والعدوان.
غزوة مؤتة: الرد على الجريمة
ما إن وصلت أنباء مقتل الحارث إلى المدينة، حتى غضب رسول الله ﷺ غضبًا شديدًا، وأعلن التعبئة للرد، فكانت غزوة مؤتة، أول مواجهة حقيقية بين المسلمين والروم.
ماذا حدث لشرحبيل بعد ذلك؟
لا تذكر المصادر التاريخية الموثوقة مصير شرحبيل بدقة بعد غزوة مؤتة، لكن بعض الروايات تفيد بأنه قُتل بعد ذلك في إحدى المواجهات مع المسلمين. وقد اعتُبر فعله هذا أحد الشرارات التي عجلت باصطدام المسلمين بالروم، ومهدت لاحقًا لفتح الشام في عهد الخلفاء الراشدين.
المراجع:
قصة شرحبيل بن عمرو الغساني ليست مجرد حادثة اغتيال، بل هي نقطة تحول بين مرحلة الدفاع وبدء المواجهة بين الإسلام وقوى العالم. هذا الرجل – وإن لم يكن له تاريخ طويل في المصادر – فقد كان سببًا في غزوة عظيمة وحافزًا لانطلاقة الفتوحات الإسلامية نحو الشام.