ديانة سكان استراليا الاصليين : أسرار “زمن الأحلام” والمعتقدات الروحانية
هل تساءلت يومًا عن العقيدة الروحية لأقدم حضارة مستمرة على وجه الأرض؟ السكان الأصليون لأستراليا، المعروفون باسم الأبورجين، يحملون واحدة من أعمق المعتقدات الروحانية، والتي ترتبط ارتباطًا وثيقًا بالطبيعة والأرض. تختلف ديانتهم عن الأديان السماوية المعروفة، حيث تعتمد على قصص زمن الأحلام (Dreamtime)، وهو مفهوم يشمل أصل الكون، القوانين الأخلاقية، والتواصل مع الأرواح.
في هذا المقال، سنتعمق في معتقداتهم، الطقوس الدينية، والطقوس التي استمرت آلاف السنين، مع دعم المعلومات بمصادر موثوقة وتحليل شامل.

1. ما هو زمن الاحلام
يُعتبر “زمن الأحلام” (Dreamtime) أساس الديانة القديمة للأبورجين، وهو لا يشير إلى مجرد فترة زمنية، بل إلى بُعدٍ مقدسٍ خالد، حيث تم خلق العالم من قبل كائنات روحية عظيمة.
وفقًا لمعتقداتهم:
كان الكون في البداية فارغًا ومظلمًا، حتى بدأت الكائنات الأسطورية في تشكيله.
هذه الكائنات خلقت الجبال، الأنهار، الحيوانات، والبشر.
قصص زمن الأحلام تختلف من قبيلة إلى أخرى، ولكنها جميعًا تشترك في تفسيرها للعالم بطريقة رمزية.
يؤمن الأبورجين بأن هذه الكائنات لا تزال حية في الطبيعة، ويمكن التواصل معها عبر الطقوس المقدسة.
هل تعلم؟
العديد من المواقع الجغرافية في أستراليا، مثل صخرة أولورو (Uluru)، تعتبر مقدسة لأنها تُعتقد بأنها موطن للأرواح التي خلقت العالم في زمن الأحلام.
2. الطوطمية: علاقة الإنسان بالحيوان والروح
في ديانة الأبورجين، لكل شخص أو قبيلة “طوطم” (Totem)، وهو كائن مقدس يمثلهم ويرتبط بأرواح أجدادهم.
يمكن أن يكون الطوطم حيوانًا، نباتًا، أو عنصرًا طبيعيًا.
يُعتقد أن الأشخاص الذين يتشاركون نفس الطوطم هم جزء من عائلة روحية واحدة.
يحرم على الفرد إيذاء الطوطم الخاص به، لأنه يمثل حاميًا روحيًا له.
لكل قبيلة طقوس خاصة لتكريم الطوطم، تشمل الغناء، الرقص، والرسم على الصخور.
مثال:
قد تكون قبيلة ما مرتبطة بطوطم التمساح، مما يعني أنهم يعتقدون أن أرواح أجدادهم تسكن في التماسيح، وعليهم حمايتها واحترامها.
3. الطقوس الروحية: كيف يتواصل الأبورجين مع الأرواح؟
يؤمن الأبورجين بأن الكون مليء بالأرواح، ويجب التواصل معها للحفاظ على التوازن بين الإنسان والطبيعة. لذلك، لديهم مجموعة متنوعة من الطقوس الدينية، أهمها:
الرقص الطقسي (Corroboree)
يتم تنفيذه في المناسبات الخاصة، مثل الأعياد وطقوس العبور.
يشمل الغناء، الرقص، وارتداء الألوان المقدسة لتقليد أرواح الأجداد.
الشعائر العلاجية
يُستخدم فيها الشامان أو “رجل الطب”، الذي يُعتقد أن لديه القدرة على شفاء الأمراض عبر القوة الروحية.
تتضمن استخدام الأعشاب، التعاويذ، والتواصل مع الأرواح للحصول على القوة.
طقوس العبور (Initiation Rites)
عند بلوغ الأطفال سن الرشد، يخضعون لاختبارات جسدية وروحية لاكتساب المعرفة المقدسة.
يتم منحهم رموزًا خاصة تمثل انتماءهم لعالم الروح.
هل كنت تعلم؟
تتضمن بعض الطقوس الأبورجينية الرسم بالرمال أو على الصخور، حيث يتم نقش رموز تمثل قصص زمن الأحلام، ويُعتقد أن هذه الرسومات تمتلك طاقة روحية.

4. الأماكن المقدسة: الأرض ليست مجرد أرض!
عند الأبورجين، الأرض ليست مجرد مورد طبيعي، بل كائن حي يحمل أرواح الأجداد.
هناك أماكن مقدسة لا يُسمح بدخولها إلا لكبار السن أو الكهنة.
بعض التقاليد تتطلب السير في أماكن معينة لطلب البركة من الأرواح.
صخرة أولورو واحدة من أكثر المواقع قدسية، ويُحظر تسلقها احترامًا للمعتقدات الأصلية.
معلومة مهمة:
في عام 2019، تم حظر تسلق أولورو رسميًا بعد مطالبات استمرت لعقود من قبل الأبورجين، نظرًا لأهميتها الدينية.
5. ديانة سكان استراليا الاصليين
بعد وصول المستعمرين الأوروبيين في القرن الثامن عشر، تعرض الأبورجين لضغوط شديدة لترك معتقداتهم واعتناق المسيحية.
حاول المبشرون إقناع السكان الأصليين بتغيير ديانتهم، لكن العديد منهم دمجوا التعاليم المسيحية مع طقوسهم التقليدية.
اليوم، لا يزال العديد من الأبورجين يمارسون مزيجًا من الديانة الأصلية والمعتقدات الحديثة.
تحاول الحكومة الأسترالية حاليًا حماية التراث الروحي للأبورجين عبر قوانين تحافظ على المواقع المقدسة.
ديانة الأبورجين ليست مجرد مجموعة من الطقوس، بل نظام متكامل للحياة، يربط الإنسان بالطبيعة، الأرض، والأجداد الروحيين. رغم التحديات التي واجهوها، لا يزال العديد من الأبورجين محافظين على إرثهم الروحي الفريد.
السؤال لك:
ما رأيك في معتقدات ديانة سكان استراليا الاصليين ؟ هل تعتقد أن العالم الحديث يستطيع الاستفادة من فلسفة الأبورجين في احترام الطبيعة والتوازن الروحي؟
إذا كنت مهتمًا بالمزيد من المواضيع التاريخية والثقافية، تابع مقالاتنا القادمة!
المصادر